الحلقة الثالثة
الآن أصبح عبد المطلب مُطالب بأن يوفي بنذره ، ويذبح أحد أولادهِ ، عند باب الكعبة فجمع أولادهُ العشرة ، وأخبرهم عن نذرهِ لله أمام باب الكعبة ، وأنه يجب عليه أن يوفي نذره .فقالوا له :_ يا أبانا .. ليس بوسعنا أن نقول لك ، إلا كما قال إسماعيلُ لأبيه !! إفعل ما تؤمر ستجِدُنا إن شاء الله من الصابرين
وكان أصغر أبناء عبد المطلب ، هو عبدالله والدِ النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم
وكان أحب أبناء عبد المطلب ، كان يحبُه حباً كبيراً [[ ولا حظوا معي ، سبحان الله الذي أختار لنبيه صلى الله عليه وسلم قبل مولده أسم أبيه( عبدالله )
كل أبناء عبد المطلب العشرة ،لايوجد فيهم واحد إسمه مقرون بإسم الله عزوجل ، إلا والدِ النبي صلى الله عليه وسلم فإسم أبو طالب … عبد مناف وإسم أبو لهب الحقيقي .. عبد العزة تخيلوا لو كان الإسم محمد بن عبد العزة ؟؟ لا يصلح أبداً مع حبيب الله .. فمن الذي إختار الإسم لوالد النبي ؟؟
_ إنه الله جل في علاه ليكون أسم حبيبه ونبيه {{ محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم }} فهذا من حفظ الله لنبيه حتى قبل مولده ))
قال لهم عبد المطلب : يا أبنائي
اكتبوا أسمائكم على القدح[[ لم يكن عندهم أستخارة ، في الجاهلية كان هناك رجل عند الكعبة متخصص بعمل ما نسميه اليوم القرعة
فكتبوا أسماءهم ، وذهب عبد المطلب الى المسؤول عند الكعبة وقال له : أريد أن أنحر أحد أولادي ، قرباناً لرب هذا البيت ، ووفاءًا لنذري .خذ هذه الأقداح ، قد كُتبت عليها أسماءُهم العشرة ، خذها وإضرب عليها ((أي إعمل لهم قرعة ))
ورب الكعبة ، أيهم خرج إسمه نحرته اليوم عند باب الكعبة !!ثم توجه عبد المطلب لباب الكعبة ، والدموع تنهمر من عينيه ،حتى سالت على خديه ، ورفع يديه عند باب الملتزم وأخذ يدعو الله يارب لا تجعل السهم يخرج على عبدالله ، ويدعو الله ويستغيثه ، يارب ابنائي كلهم لو نحرتهم أهون عندي من عبدالله ، كان عبدالمطلب يحبه حباً كبيراً فلما قاموا بالأزلام ( القرعة ) خرج السهم على عبدالله
فتألم عبد المطلب ألم شديد ، وتغير لون وجهه ثم أخذ بيد عبدالله و وضعه أمام باب الكعبة ، وأراد أن يذبحه على الفور، وضع عبد المطلب إبنه عبد الله أمام الكعبة ، وأخرج سكينه ،وإستعد لذبحه وكانت أندية قريش حول الكعبة . ((الأندية : هي عبارة عن مجالس لقريش ، كانوا يجلسون جماعات مع بعضهم البعض ، كل جماعة تجلس مع أصحابها ، اسمها أندية ، وتكون الكعبة أمامهم مباشرةً ، وكل ما يحدث عند الكعبة يرونه )) فلما استعد عبد المطلب لذبح عبدالله ، ضجت قريش كلها وقام الناس من مجالسهم مسرعين ، حتى وصلوا إلى عبد المطلب ، وأمسكوا بعبد الله وأبعدوه ، ثم وقفوا بين عبدالمطلب وعبدالله ، ثم صاحوا بأعلى أصواتهم لاااا واللات والعزى ، لا ندعك تذبحه حتى تعذر فيه ((أي حتى نجد حلا لهذا النذر)) .. يا عبد المطلب :_ أنت سيد قومك ، وكبيرهم وقدوتهم ، إن ذبحت ولدك ، ستكون سُنة في قريش ، كل رجل نذر ، سيذبح ابنه عند الكعبة .قال عبد المطلب :_ يا قوم .. لعل الله ابتلاني كما ابتلى جدكم إبراهيم ، بولده إسماعيل ؟؟
قالوا لا ، لا لن ندعك تذبحه حتى تُعذر فيه .قال لهم .. وما الحل ؟؟
فصاح أحدهم ، فلنحتكم إلى الكهان !! وصاح آخر ننطلق إلى سجاح عرافة يثرب، (( امرأة اسمها سجاح كاهنة في يثرب ، كانت تُعرف بعرافة يثرب)) نسألها لعلها تجد لك مخرجا ، عرافة يثرب خير من ينهض بالأمر فسكت عبد المطلب عن الكلام ، ولم يعد له سبيل لرفض كلامهم ، ونزلت عليه السكينة والارتياح ثم نظر إلى القوم، وقال :_ ننطلق إلى سجاح عرافة يثرب.
فصاح الجميع وعلت أصواتهم بالفرح ، انتشر الخبر في مكة كلها وأطلت النساء بفرح، ينظرن إلى عبد الله بشفقة ورحمة ، كانت كل فتيات مكة يتمنون عبد الله زوجاً لهن ، كان كل من نظر إليه يراه مكسواً بالجمال والهيبة والأنوار الكل ينظر إليه وينظرون إلى صبره لهذا الموقف الصعب ، هذا الفتى الجميل صاحب الوجه المضيء ، إنه جميل، وما أكثر الجمال في قريش ، ولكن جمالهُ نادر يشف عن جمال الروح ، ففي جماله شيء غريب ، نور يكسوه في وجهه، شيئاً لا ترى مثله في وجه شباب قريش ، فركبوا جميعاً ، وانطلقوا إليها ، فلم يجدوها في يثرب ، كانت في خيبر ، فلحقوا بها إلى خيبر ، فلما دخلوا على كاهنة يثرب ، نظرت إليهم تلك العجوز الكبيرة في العمر نظرة ذكاء وفراسة ، وقص عليها عبدالمطلب خبره وخبر ابنه عبدالله